ساهمتْ تينهينان في الدّفع بقدرة النّساء على أن يتدخّلن في الشؤون العامة للمجتمع الطارقي، وأن يُسيطرن على التّجمعات القبلية. ويتجلّى ذلك بوضُوح في قدرتهنّ، كما يُحكى، على مناقشة وإدارة دفّة الحرب والسّلم؛ وحتّى حين يُنتخبُ رجلٌ على رأس القبيلة، فما هو إلاّ ممثّل للملكة تينهينان. الحديثُ عن المَلِكة تينهينان كالحَديثِ عن الأسطُورة. لم يحدد الرواة على مرّ التاريخ لا سنة ميلادها ولا حتّى متى ترجّلت عن صهوة الحياة. كل ما نعرفهُ ونجدهُ في كتبِ التّاريخ، أنها الأمّ الروحية للطوارق، وأنّها رأس قبائلهم، إذ حكمت في القرن الخامس الميلادي، وكان يرجع إليها القوم أمرهم داخل "المجتمع" الطارقي، الذي لازال يستمدّ السلطة حتى الآن من حِكمة المرأة. تذهبُ الرواية المتوارثة إلى القول بأنّ والدها قرر تزويجها بأمير إفريقي غصباً، فأعلنت رفضها وثورتها، ثم ولّت وجهها هاربةً على رأس مجموعة من الجنود بصحبة خادمتها، والتي اعتبرتها ثُلّةٌ من الروايات أختها، "تاكامات" صوب ضواحي تمنراست. ولكن…
على ما يبدو، لم يكن أحدٌ من النّاس، وقتذاك، يعي أن هذه الطّريدة المذعورة، والمرأة الهاربة بحثاً عن السّلام والحُرّية، ستغدو ذات شأن عظيم، وسيُنصفها التاريخ، لكي تبحث مرايانا في سيرتها!
هن | قصة أقبح امرأة في العالم.. سر تحول «ماري» من امرأة فاتنة الجمال لـ «كائن بشع»
ولكن…
الأمر الأجدر أن يُحتَفَى بِه، ربّما هو…
إيقاف تزويج الإناث بالغَصب في تافيلالت، الذي يستمرّ إلى اليَوم بالجنُوب الشرقي، والذي ثارت من أجله تينهينان منذ أزيد من خمسةَ عشر قرناً…
[1] خليفي عبد القادر، طوارق الجزائر: الخصوصيات الأنثروبولوجية و السوسيوثقافية. مواضيع قد تهمّك:
الملكة "ديهيا"… المرأة التي لم تجد إليها "الفتوحات" الإسلامية سبيلاً سوى قتلها! زينب النفزاوية: زوجة ابن تاشفين ومهندسة توسع دولة المرابطين! 2/1
خيرونة الفاسية… "زعيمة" المذهب الأشعري بالمغرب
خُنَاثة بنت بكار.. من هدية للسلطان إلى أم للسلاطين!
حملت المكسيكية جوليا بسترانا لقب "أقبح نساء العالم" طوال القرن التاسع عشر، وحتى بعد قرنين من وفاتها وذلك بسبب شكلها الغريب. وكانت جوليا باسترانا تبدو بهيئة شكلية أقرب إلى القردة لأنها كانت بمصابة بخلل جيني يجعل الشعر ينمو بكثافة شديدة في وجهها. وكانت باسترانا التي ترجع أصولها إلى الهند تتمتع بأنف وفم كبيرين وأسنان غير منتظمة، مما جعل البعض يشببها بالغوريللا. طالع أيضاً: صور تبحر بك في رحلة لأغرب الوقائع خلال القرن العشرين.. أحداث صادمة وتفاصيل مدهشة
وظلت تعاني من تجاهل الناس لها وتجنبهم التام للاختلاط بها حتى قام تيودور لينت بشرائها من والدتها ثم أعلن زواجه منها لكي يقنعها بالمشاركة في السيرك الذي يملكه، حيث كانت تلعب شخصية "المسخ ذات اللحية"، وطافت بلدان العالم لتؤدي هذه الشخصية. وقام تيودور لينت بتعليم جوليا باسترانا القراءة والكتابة والرقص، وأنجب منها طفلاً جاء مشابهاً لوالدته في الخصائص الجينية المشوهة فمات بعد 3 أيام فقط من ولادته، لتلحق بعدها جوليا بابنها حيث وافتها المنية عن عمر 26 سنة متآثرة بمضاعفات ما بعد الولادة. شاهد أيضاً: صور 10 أفلام تتآمر على الطالب العربي قبل الامتحانات.. موسم صيفي مزدحم بأفلام رائعة لا يمكن مقاومتها
الغريب أن تيودور لينت قام بالاستعانة بأحد الأطباء لتحنيط جثة زوجته حتى يتمكن من استكمال جولاته العالمية، وبعد فترة اختفت جثة جوليا باسترانا، ثم يظهر زوجها مجدداً بصحبة امرأة أخرى تعاني من نفس الخلل الجيني، لتشاركه أيضاً جولاته العالمية بالسيرك.
ما الذي ساعد أكبر معمرة في العالم للعيش 119 سنة؟
عُرف عنها كونها صاحبةُ حكمةٍ ودهاء، فأدخلت تقاليد جديدة على مملكتها، لاسيما العمل وتخزين الخيرات لوقت الشّدة، والاستعداد الدائم "لقهر الغزاة القادمين من الشّرق"! "كانت ملكة متفردة، فالأساطير والآثار أثبتت أنها كانت تدافع عن أرضها وشعبها ضد الغزاة الآخرين من قبائل النيجر وموريتانيا الحالية وتشاد. وقد عرف عنها أنها صاحبة حكمة ودهاء، نصبت ملكة بسبب إمكانياتها وقدراتها الخارقة للعادة"، هكذا تحدّث عنها عبد الله هسوف، في كتابه "الأمازيغ: قصة شعب". اسم تينهينان، وفق المرويّات، مركّب من جزأين: "تين" و"هينان"، وهي لفظة من لغة "التاماهاك"، تعني "ناصِبةُ الخيام"، هذا ما دفع المؤرخين إلى الاعتقاد بأنّها أن كانتْ كثيرةُ السّفر والتّرحَال. [1]
أكثَر من ذلك، يُقال إنها ساهمتْ في الدّفع بقدرة النّساء على أن يتدخّلن في الشؤون العامة للمجتمع الطارقي، وأن يُسيطرن على التّجمعات القبلية. ويتجلّى ذلك بوضُوح في قدرتهنّ، كما يُحكى، على مناقشة وإدارة دفّة الحرب والسّلم؛ وحتّى حين يُنتخبُ رجلٌ على رأس القبيلة، فما هو إلاّ ممثّل للملكة تينهينان. كان المجتمع الطارقي أميسيّا، يأخذُ فيه الرّجال والنساء نسبهم من الأم وليس من الأب، وكان هذا السببُ كافياً ومنطقياً لتعتَبرَها الدّراسات التّاريخية أمًّا روحيةً للطوارق.
كَيْفَ أَعَادَنِي
لِحَفِيـدَةٍ سَـمْرَاءَ مِنْ أَحْفَادِي؟
كل هذا لا جديد فيه، ولا غرابة تحيطه، لكنَّ المدهش حقًّا أن نجد من يروي لنا قصة ميلاد هذه القصيدة على نحو آخر، لنكتشف أنه ليس ثمة مرشدة في الحقيقة، وإنما هي جزء من خيال الشاعر الذي لا يكفُّ عن الإبداع. وفي كتاب «قصتي مع الشعر» لنزار قباني، يتحدث الشاعر عن قطة رآها خلال رحلته في إسبانيا، قائلًا: «لا أزال أذكر حتى الآن قصتي مع قطة من قطط غرناطة، تركت مئات السائحين الأجانب يتجوَّلون في حدائق (جنات العريف) واختارتني وحدي لتبثني أشجانها.. كانت تلتصق بي التصاق امرأة عاشقة، وتمرُّ بلسانها على وجهي ورقبتي.. لقد مرَّت خمس سنين على التقائي بها، ولا أزال مقتنعًا أنها تنحدر من سلالة قطة عربية جميلة، جاءت على نفس المركب الذي حمل طارق بن زياد إلى الساحل الإسباني في القرن السابع»، وإلى هنا تنتهي الرواية. غير أن هناك من يعقد علاقة بين رواية الشاعر غير المكتملة وقصة القصيدة، إذ يحكي الدكتور سيَّار الجميل في مقال له أنه التقى أحد أصدقاء نزار، وهو الإعلامي سمير مطاوع، وسرد له كيف شغلت تلك القطة بال نزار، وعاد إلى الفندق وهو يفكر فيما جرى بينهما، ليكتب قصيدته مؤمنًا بأن تلك القطة ما هي إلا امرأة عربية من أصل دمشقي، تناسخت روحها عبر مئات السنين، وهي القصة التي لم يحكها نزار نفسه.
ت + ت - الحجم الطبيعي
الشعر، شأنه كشأن كل ألوان الإبداع، وليد لحظة انفعال فارقة، وعندما تحين تلك اللحظة تنبعث الكلمات من حيث لا يدري الشاعر نفسه، وتنهال على لسانه وشفتيه، ليخطَّها قلمه فيما بعد. وقد يتوهم بعض المبالغين أن الموقف الذي يحرك الشاعر لا بد أن يكون أمرًا جللًا، ليزلزل وجدانه ويُنطقه بما لم يقل من قبل، إلا أن الواقع لا يؤيد هذا التصور المفرط في المثالية، فكثيرًا ما يشتعل الإلهام الشعري بفعل أهون الأشياء، و«معظم النار من مستصغر الشرر». وشاعرنا الكبير نزار قباني أحد الشعراء الذين حفلت حياتهم بنماذج تؤكد هذا، ولعل قصيدته البديعة التي نظمها في إسبانيا، ومطلعها:
فِي مَدْخَلِ الْحَمْرَاءِ كَانَ لَقَاؤُنَا
مَا أَطَيْبَ اللُّقْيَا بِلَا مِيعَادِ
خير دليل، ووراءها قصة شهيرة عادةً ما تتردد، بطلتها مرشدة سياحية اصطحبت نزارًا في أرجاء قصر الحمراء الذي يمثل أحد معالم الحضارة الإسلامية في الأندلس. ويكفي أن ننصت للشاعر لنعرف تفاصيل الحوار الذي ساقه إلى السفر في التاريخ القديم، والتعبير عن اشتياقه إلى تفاصيله الدقيقة:
«هَلْ أَنْتِ إِسْبَانِـيَّةٌ؟» سَاءَلْـتُهَا
قَالَتْ: وَفِي غَـْرنَاطَةٍ مِيلَادِي
غَرْنَاطَةٌ؟ وَصَحَتْ قُرُونٌ سَبْعَةٌ
فِي تَينِـكَ الْعَيْنَينِ بَعْدَ رُقَادِ
وَأُمَـيَّةٌ رَايَاتُـهَا مَرْفُوعَـةٌ
وَجِيَـادُهَا مَوْصُـولَةٌ بِجِيَـادِ
مَا أَغْرَبَ التَّارِيخَ!
- أقبح إمرأة في العالم تتحول الى واحدة من اكثر الشخصيات تأثيرًا في العالم - المدينة نيوز
- كاميرات مراقبة بدون واي فاي شاهد
- ايس كراميل ماكياتو – لاينز
- قيامه ارطغرل الموسم الثالث جميع الحلقات
- قروض بدون تحويل راتب وبدون كفيل قرض العمل الحر
قالت الكثير من الرّوايات أن تينهينان كانت مسلمة؛ لكن الكشف عن بقايا جثّتها أظهر طريقةً في الدفن تتعارض مع الطريقة الإسلامية "الصّارمة"، حيثُ وُجدَت جثتها ملقاة على ظهرها، ويتوجه وجهها نحو الشّرق على لوح خشبي، بينما الكيفية الإسلامية، وفق المذاهب الأربعة، كانت تحثّ أن بعد دُخول الميّت القبر، يُوضع على شقه الأيمن استحبابًا، ويجب أن يوجَّه وجهُه إلى القبلة. بالمناسبة، لم يُعرف المكان الذي دفنتْ فيه الملكة تينهينان إلا في سنة 1925، من طرف بعثة فرنسية أميركية مشتركة في "أباليسا" بالهقار، جنوب الجزائر. هيكلها بيّن أنها كانت امرأة طويلة ورشيقة، وأنها كانت عريضة الأكتاف وذات ساقين نحيفين. ويستعرض متحف باردو في الجزائر قبر الملكة ومجوهراتها وحتى هيكلها العظمي. كما عُثر، بجانب الهيكل الخاص بالملكة تينهينان، على جملةٍ من التّحف الثمينة والمجوهرات النّادرة. تمّ نقلُها إلى الوِلايات المتّحدة بغَرض العَرض، لمدّة خمس سنوات، قبل أن تعود ثانية إلى الجزائر وتُعرض بذات المتحف، أي "باردو". ظلت تينهينان بمثابة شمس لا تغربُ إطلاقاً بالنّسبة للطّوارق، فمن الصّعب بمكان، إن لم نقُل من المُستحيل، أن تجد طارقياً لا يعرفُ سيرتها وقِصّتها… وإلى اليوم، يتمّ تكريمُ تينهينان، عبر الاحتفال بمهرجان يحمل اسمها في الجزائر.
نشر في 1 مايو 2022 الساعة 6 و 00 دقيقة
قبل أيام توفيت اليابانية كاني تاناكا التي كانت تحمل لقب أكبر معمرة على الأرض، مع أنها لم تتقيد دائما باتباع النصائح والتعليمات الخاصة بالتغذية الصحية. ولدت كاني تاناكا في اليابان عام 1903 وفي عام 2019 أدرجت في موسوعة غينيس للأرقام القياسية. وتاناكا هي ثالث امرأة في التاريخ من بين الحالات الموثقة تعيش إلى عمر 119 عاما، حيث تضم القائمة الفرنسية جان لويز كالمينت، التي توفيت عن عمر يناهز 122 عامًا في عام 1997. الآن أكبر معمر على وجه الأرض هي الراهبة الفرنسية لوسيل راندون (الأخت أندريه)، البالغة من العمر 118 عامًا. ويذكر أن المعمرة اليابانية تزوجت في عمر 19 عاما وعاشت مع زوجها 71 عاما أنجبت خلال هذه الفترة أربعة اطفال. وكاني تاناكا هي الطفلة السابعة لعائلة أنجبت تسعة اطفال. وكان من المقرر أن تشارك المعمرة اليابانية في تتابع الشعلة الأولمبية في أولمبياد طوكيو 2020 ولكن جائحة "كوفيد-19 " منعتها من ذلك. ولم تلتزم المعمرة اليابانية خلال حياتها الطويلة بنصائح التغذية الصحية، وأصيبت عدة مرات بأمراض خطيرة. وتقول في مقابلة أجرتها معها هيئة السياحة الوطنية اليابانية قبل عامين، "أحب المشروبات الغازية أكثر من أي شيء آخر ، وخاصة الكوكاكولا، كما أنني أحب القهوة والشوكولاتة.