شرح
حديث / عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير أحاديث
رياض الصالحين: باب الصبر
٢٨ - وَعَنْ
أبي يَحْيَى صُهَيْبِ بْنِ سِنَانٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-
قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ﷺ: « عَجَباً لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ،
وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِحَدٍ إِلاَّ للْمُؤْمِن: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ
فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيْراً لَهُ » رواه
مسلم. الشرح:
قال
المؤلف -رحمه الله- فيما نقله عن صهيب الرومي: إن رسول الله ﷺ قال: « عجبًا لأمر المؤمن إنَّ أمْرَهُ كلَّه له خير » أي:
إن الرسول -عليه الصلاة والسلام- أظهر العجب على وجه الاستحسان (لأمر المؤمن) أي:
لشأنه. فإن شأنه كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن. ثم
فصَّل الرسول -عليه الصلاة والسلام- هذا الأمر الخير، فقال: « إن أصابته سرَّاء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضرَّاء صبر
فكان خيرًا له » هذه حال المؤمن. وكل إنسان؛ فإنه في قضاء الله وقدره بين
أمرين: إما سرَّاء، وإما ضرَّاء، والناس في هذه الإصابة -السراء أو الضراء-
ينقسمون إلى قسمين:
مؤمن
وغير مؤمن، فالمؤمن: على كل حال ما قدر الله له فهو خير له، إن أصابته الضراء صبر
على أقدار الله، وانتظر الفرج من الله، واحتسب الأجر على الله؛ فكان ذلك خيرًا له،
فنال بهذا أجر الصائمين.
- حديث «عجبًا لأمر المؤمن..» - الموقع الرسمي للشيخ أ. د. خالد السبت
- خطبة عن حديث (عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ) - خطب الجمعة - حامد إبراهيم
- كتب شرح - مكتبة نور
حديث «عجبًا لأمر المؤمن..» - الموقع الرسمي للشيخ أ. د. خالد السبت
يفرح الذي ليس في قلبه إيمان إن أصابه خير، ويصل به الأمر إلى الأشر والبطر حتى يظن أن الله يحبه، وإن إصابته ضراء سخط على الله، ويئس، وحزن، وتذمّر. يعتبر الشكر على النعمة نصف الإيمان، والصبر على الضراء النصف الآخر له. المصدر:
إذا أعطاك الله العافية في البدن والقوة فينبغي أن تسخر هذه النعمة في التقرب إلى الله ، ولا تجعل لربك حال الهرم، والضعف، والعجز، والشيخوخة، فهذا من كفر النعمة. هذه الطاقة الهائلة التي يتوقد فيها بدنك ينبغي أن تصرف في شيء تنتفع به إذا وسدت في قبرك، تجعل هذه الجهود مبذولة، مصروفة، فيما يقربك إلى الله . وقل مثل ذلك في الشباب، وفي غيره، ولذا قال النبي ﷺ: نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ [2]. ولن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: وذكرها ﷺ العمر والشباب والمال.. [3]. قوله: إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ، أما الكافر فإنه إذا أعطي العافية في بدنه، والمال فإن ذلك يكون زاداً له للبعد من الله ، والتقرب من عذابه، وناره، ولهذا قال الله : لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَواْ وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [آل عمران:188]. وقال: إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْماً [آل عمران: 178]، وقال: وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ [الزخرف: 33- 37].
[٢٣]
إلهام الله لعباده الصالحين بالتوجه بالشكر لله بمجرد رؤيتهم لنعمه، وذلك مثل ما ورد عن سليمان -عليه السّلام- في قوله -تعالى-: (رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ).
خطبة عن حديث (عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ) - خطب الجمعة - حامد إبراهيم
فالعبرة بغلبة الحسنات، وكثرة الخير والصلاح، والبر، والمعروف، وإن كان لا يخلو أحد من تقصير، ومن ذنوب، لكن المشكلة حينما تغمرنا الذنوب، والتقصير، والتفريط، والغفلة. فإذا عرف الإنسان هذه الحقيقة يكون متقلباً بين الشكر والصبر، بل لربما أفضى به الأمر في مثل هذه الأمور المكروهة إلى أن ينتقل من الصبر إلى الرضا، فيكون راضياً لما قدر الله له. ولعله يأتي كلام موسع عن الرضا بإذن الله -تبارك وتعالى، والمقصود به أن يرضى بما قدر الله عليه، ولا ينفي ذلك المدافعة؛ لأن من الأمور المقدرة ما يمكن مدافعته، مثل المرض إذا نزل فإن علاجه لا ينافي الإيمان بالقدر، لكن الأمور التي لا يمكن دفعها كأن يموت ابنه، أو أخوه، أو أبوه، هذا لا يمكن دفعه، فما عليه إلا أن يصبر، وأن يرضى. ولذلك كان السلف يستشعرون هذا المعنى، هذا معاذ بن جبل لما أصابه طاعون عمواس كان يقوم على المنبر بفلسطين، ويقبّل بثرة الطاعون أمام الناس فرحاً بها. واليوم بعض الناس لو قيل له في تقرير طبي: إن الذي فيك هو المرض الفلاني لا تحمله قدماه، وربما انهار وسقط وشعر أن علل الدنيا قد اجتمعت عليه. وجاء عن ابن مسعود لما دخل عليه أصحابه، فرأوا غلماناً عنده كالدنانير، فجعلوا ينظرون إليهم، فقال: تنظرون إليهم؟ والله إني لأتمنى موتهم، يشير إلى ما عند الله من الأجر لمن صبر واحتسب.
عن صُهيب بن سِنان الرومي -رضي الله عنه- مرفوعاً: «عجَبًا لِأَمر المُؤمِن إِنَّ أمرَه كُلَّه له خير، وليس ذلك لِأَحَد إِلَّا لِلمُؤمِن: إِنْ أَصَابَته سَرَّاء شكر فكان خيرا له، وإِنْ أَصَابته ضّرَّاء صَبَر فَكَان خيرا له». [ صحيح. ] - [رواه مسلم. ] الشرح
أظهر الرسول -عليه الصلاة والسلام- العَجَب على وجه الاستحسان لشأن المؤمن؛ لأنه في أحواله وتقلباته الدنيوية لا يخرج عن الخير والنجاح والفلاح، و هذا الخير ليس لأحد إلا المؤمن. ثم أخبر -صلى الله عليه وسلم- أن المؤمن على كل حال قدَّره الله عليه على خير، إن أصابته الضراء صبر على أقدار الله، وانتظر الفرج من الله، واحتسب الأجر على الله؛ فكان ذلك خيرًا له. وإن أصابته سراء من نعمة دينية؛ كالعلم والعمل الصالح، ونعمة دنيوية؛ كالمال والبنين والأهل شكر الله، وذلك بالقيام بطاعة الله -عز وجل-، فيشكر الله فيكون خيرا له. الترجمة:
الإنجليزية
الفرنسية
الإسبانية
التركية
الأوردية
الإندونيسية
البوسنية
الروسية
البنغالية
الصينية
الفارسية
تجالوج
الهندية
السنهالية
الأيغورية
الكردية
الهوسا
البرتغالية
السواحيلية
عرض الترجمات
اهـ. 10- المؤمن لا يضجر ولا يصيبه الملل والبلادة والكسل لأنه في شغل دائم بالعمل لله، وإنتاج لما يرضي الله. 11- ليس ذلك إلا للمؤمن الذي يعمل لله ويريد الآخرة. فالإنسان دائر في هذه الحياة الدنيا بين خير ونعمة من الله سبحانه وتعالى، من صحة ومال وأمن، وبين ابتلاء ونقص في الأنفس والمال وما يصيبه من التعب والنصب. 12- الذي ليس له صلة بالله، ولم يدخل الإيمان قلبه يفرح إذا أصابه خير، وقد يصل به الأمر إلى البطر والأشر ويقول: هذا بسبب علمي وجهدي، كما قال قارون من قبل (قال إنما أوتيته على علم عندي). وبعضهم يظن أن الله يحبه فأعطاه. ﴿ وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا ﴾ [الكهف: 36]. ولكن إذا أصابه نقص في المال والبدن والولد يئس وتسخط القدر، وربما أدى به إلى الانتحار
13- المؤمن الذي يعمر الإيمان قلبه، يلجأ دائماً إلى الله تعالى في السراء والضراء، فهو يصبر على البلاء، ويرضى بالقضاء، ويشكر في الرخاء، ويسأله العون وتفريج الكروب فهو على كل شيء قدير. 14- أن الإيمان نصفه شكر على النعماء، ونصفه صبر على البأساء والضراء. والله اعلم
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
كتب شرح - مكتبة نور
وهو مع ذلك يعلم: أنه ما مِن شدّة إلا وسوف تزول ، وما من حزن إلا ويعقبه فرح ، وأن مع العسر يسرا ، وأنه لن يغلب عسر يُسرين ،فلا حزن يدوم ولا سرور ، ولا بؤس يدوم ولا شقاء، فالمؤمن يرى المنح في طيّـات المحن ،ويرى تباشير الفجر من خلال حُلكة الليل ، ويرى في الصفحة السوداء نُقطة بيضاء ،وفي سُمّ الحية ترياق ، وفي لدغة العقرب طرداً للسموم ، والمؤمن ينظر في الأفق فلا يرى إلا تباشير النصر ،رغم تكالب الأعداء ، وينظر في جثث القتلى فيرى الدمّ نوراً، ويشمّ رائحة الجنة دون مقتله ،ويرى القتل فوزاً ، فقد قال حرام بن ملحان رضي الله عنه لما طُعن: فُـزت وربّ الكعبة! ،وعندها تساءل الكافر الذي قتله غدرا: وأي فوز يفوزه وأنا أقتله ؟ المؤمن إن جاءه ما يسرّه سُـرّ فحمد الله ، وإن توالت عليه أسباب الفرح فرِح من غير بطر.
بتصرّف. ↑ عبد الملك بن قاسم، اصبر واحتسب ، الرياض، دار القاسم، صفحة 16. بتصرّف.
- قدام الكل حلفتلك
- شرح وترجمة حديث: عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن: إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له - موسوعة الأحاديث النبوية
- شرح حديث / عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير - فذكر
- برنامج دبلوم إدارة الموارد البشرية في جامعة الأميرة نورة - مدونة المناهج السعودية
- كتب إلى من يهمه لامر - مكتبة نور
- حكم الصلاة في السيارة
- حديث عجباً لأمر المؤمن - موقع مصادر
ولهذا كان النبي ﷺ أعبد الناس لله -تبارك وتعالى، إذ إن ألوان النعم التي تسدى إلى الإنسان تستوجب الشكر، سواء كانت من النعم الظاهرة، أو الباطنة، ولهذا لما سألت عائشة أم المؤمنين -رضي الله تعالى عنها- النبي ﷺ عن هذا الاجتهاد في العبادة، وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فكان يقوم الليل حتى تَرِم قدماه ﷺ، أجابها بهذا الجواب: أفلا أكون عبداً شكوراً؟! [1]. فإن مغفرة الذنوب تستدعي لوناً من شكر الله -تبارك وتعالى- من قبل العبد، فصار يتقرب إلى الله بهذه العبادة الشاقة على النفوس، حتى تتفطر قدماه من طول الوقوف وكثرة التعب ﷺ، وقل مثل ذلك إذا هداك الله إلى نعمة الإيمان والإسلام، فينبغي أن تحمده، وأن تتمسك بأهدابها، وأن لا تعرض نفسك للشبهات أو الشهوات، فتضيع من بين يديك هذه النعمة. وإذا هداك الله إلى نعمة خاصة، كأن هداك إلى معرفة العلم الصحيح، وفتح عليك من أبوابه فهذا يستوجب لوناً من الشكر، ببذل هذا العلم للناس، وبالقيام بوظائفه العملية، فيكون الإنسان عاملاً بهذا العلم، وإلا فما الفائدة؟
وعالمٌ بعلمهِ لم يعملَنْ
معذَّبٌ من قَبل عُبّاد الوثنْ
لو نفع العلم بلا عمل لما ذم الله أحبار اليهود، وبالتالي فإن هذه النعم التي تعطى للإنسان ينبغي أن يزداد بها شكراً، فإذا أعطاك الله المال فينبغي أن يرى أثر ذلك عليك باللباس، وأن يرى أثر ذلك عليك بما تجود به لإخوانك المسلمين الذين حرموا من هذه النعمة.